سر إقبال الناس على المساجد في رمضان... شهيد خليل

Libellés :


كتبه : شهيد خليل طالب جامعة بكلية الشريعة فاس



كم اشتكى المسجد من هجرنا... كم صلى إخواننا من صلاة في صفهم الوحيد والأوحد... كم تضجر الإمام من عدم سماعه ترداد "آمين" من المصلين لقلتهم وكثرة شيوخهم... وكم عانى المؤذن من انتظار المصلين الذي لا يلبون النداء...
أبشر مسجدنا... سوف لن تشكو الهجر بعد الآن. أبشر إمامنا سوف تسمع ترداد "آمين" يملأ جنبات المسجد. أبشر مؤذننا سوف لن تنتظر أكثر من الوقت الفاصل بين الأذان والإقامة.
أبشروا جميعا لقد جاء رمضان.
ويرفع الأذان... الناس في الطريق إلى المسجد زرافات ووحدانا، يتسابقون إلى الخيرات. امتلأ المسجد عن آخره بعد مرور خمس دقائق على الأذان، وامتلأت جوانب المسجد بعد سبع دقائق، لتقطع الطريق عن المارة بعد مرور الوقت المحدد الفاصل بين الأذان والإقامة.
منظر رهيب وجميل للغاية... وترى سياحا أجانب تجمهروا ليتخذوا لأنفسهم صورا مع جمهور المصلين المصطفين لأداء الصلاة.
لقد بقي الحال هكذا طوال فترة رمضان... وفي اليوم الثاني من شوال اشتكى المسجد، وتوجس الإمام، وتضجر المؤذن... وتساءل الجميع:
أين الصفوف المتراصة على جنبات الطريق؟ أين التجمهر الذي طبع فناء المسجد؟ أين عمار المسجد في رمضان؟ وما سر إقبالهم على المسجد بذلك الشكل في رمضان؟ وما سر غيابهم بمغيب رمضان؟
أسئلة محيرة تباينت الإجابات عنها واختلفت من شخص لآخر... ونحن سوف نسعى قدر الإمكان الوقوف على جوانبها المتعددة، مقدمين الحلول الناجعة المستمدة من الكتاب والسنة.
إن سر إقبال الناس على الطاعة وإكثارهم منها في شهر رمضان يرجع إلى فكر مادي ترسخ في نفوس المسلمين، حتى أصبحوا يحتالون على الله جل من لا تطاله الحيل. فالكثير من الناس يعتقدون أن اجتهادهم في رمضان يعفيهم من أداء أي فريضة خارجه، بدعوى أن رمضان إلى رمضان مكفران لما بينهما من الذنوب الصغيرة والخطايا... وهذا بطبيعة الحال تأويل فاسد وفهم خاطئ لسنة نبينا العدنان عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.
ولعل تصفيد الشياطين في هذا الشهر الفضيل له دور في كل ما سبق وذكر، إذ أن الإنسان يتخلص من وسوسة الشيطان وغوايته.
 بل إن بعض الأعيان يحرص على الصلاة بالمسجد في شهر رمضان رياء وسمعة، حتى يذكر بخير عند الناس. وهذا مسعى باطل لا يؤجر صاحبه وعليه الوزر والعياذ بالله. أضف إلى ذلك ما يصاحب هذا الأمر من تباهي باللباس، ومن طقوس خارجة عن نطاق الشرع.
ومهما يكن فإنه يتوجب على المسلم الإقبال على الله في كل حال، في رمضان وغيره، لأنه عز وجل رب الشهور جميعها. كما يجب إخلاص الأعمال له سبحانه وتعالى والقصد فيها، ونعني بالقصد هنا الوسطية وعدم الإفراط أو التفريط، لأن القصد سبيل إلى المداومة على فعل الخير لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ» ( متفق عليه ) وقوله صلى الله عليه وسلم: (القَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغوا) (أخرجه البخاري) .
كما يتوجب على المسلمين تجديد نياتهم والتشبث بدينهم الحنيف لأن البعد عن الدين أصل كل انحراف.
ومما يتوجب على المسلمين في رمضان وغير رمضان، إعمار المساجد، ليندرجوا ضمن من شهد لهم الله بالإيمان لقوله جل ذكره: "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ". [التوبة:18] وليحقققوا الهداية المنشودة لهم.

1 commentaires:

  1. شكرا لشهيد على هذه المشاركة

إرسال تعليق